خطبة الجمعة بعنوان : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة بعنوان : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 29 ربيع الثاني 1446 هـ ، الموافق 1 نوفمبر 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 نوفمبر 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 نوفمبر 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 نوفمبر 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، بصيغة pdf أضغط هنا.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 1 نوفمبر 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ: كما يلي:
أولًا: أهميةُ القوة والأخذِ بالأسبابِ في الحياةِ العمليةِ.
ثانيًا: صورُ ومجالاتُ القوةِ في الإسلامِ.
ثالثًا: دعوةُ أفرادِ الأمةِ إلى القوةِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 1 نوفمبر 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا : كما يلي:
“وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ”
29 ربيع الثاني 1446هـ – 1 نوفمبر 2024م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
أولًا: أهميةُ القوة والأخذِ بالأسبابِ في الحياةِ العمليةِ.
إنَّ دينَنَا الإسلاميَّ دينُ القوةِ ، ولا غروَ في ذلك، فإنَّ القرآنَ نزلَ مِن عندِ ربٍّ ذيِ قوةٍ، عن طريقِ ملكٍ ذيِ قوةٍ، إلى نبيِّ ذيِ قوةٍ، لأمةٍ ذاتِ قوةٍ. قال تعالى عن نفسِه. {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (الذاريات: 58)، وقالَ عن سفيرِ الوحيِ جبريلَ عليهِ السلامُ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}.(التكوير: 19 ، 20). كمَا أنَّ القوةَ صفةُ جميعِ الأنبياءِ والصالحين، فهذا موسَى عليهِ السلامُ أُمِرَ بأخذِ الألواحِ بقوةٍ. قالَ تعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}. (الأعراف: 145)، وقالَ تعالَى عن يحيَ عليهِ السلامُ: { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ}. (مريم: 12)، وأمرَ اللهُ بنيِ إسرائيلَ أنْ يأخذُوا الكتابَ بقوةٍ. فقال: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ }. (البقرة: 63). وهذا ذو القرنين يبنيِ السدَّ ويطلبُ العونَ بقوةٍ: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}. (الكهف: 95). وهكذَا كانتْ القوةُ والثباتُ مبدأً أصيلًا في دعوةِ الأنبياءِ جميعًا عليهمُ الصلاةُ والسلامُ.
ولهذا اختارَ اللهُ نبيَّهُ ﷺ مِن قريشٍ لقوتِهِم، فعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لِلْقُرَشِيِّ قُوَّةُ الرَّجُلَيْنِ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ». قَالَ الزُّهْرِيُّ: «يَعْنِي نَيْلَ الرَّأْيِ»(أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي).
على أنَّ القوةَ والأخذَ بالأسبابِ متلازمانِ، فالسببُ هو ما يوصلُك إلى الشيءِ، فأنتَ مطالبٌ ببذلِ الأسبابِ، أمّا النتائجُ فإنّ مردَّها إلى اللهِ تعالى، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ…} [الأنفال: 60].
والأخذُ بالأسبابِ مِن شيمِ المرسلينَ والصالحينَ، وتركُهُ مِن شيمِ البطالينَ الذين يريدونَ أنْ يعيشُوا على الصدقاتِ والهباتِ. فها هو نوحٌ عليه السلامُ أمرَهُ ربُّه تباركَ تعالى بإعدادِ سفينةٍ عملاقةٍ لحملِ الأحياءِ مِن كلِّ زوجينِ اثنينِ ومَن آمنَ مِن البشرِ، ولو شاءَ اللهُ أنْ ينجيَهُ لنجّاهُ ولكنهُ أرشدَهُ إلى الأخذِ بالأسبابِ.
وها هو موسَى عليه السلام أمرَهُ ربُّهُ تبارك وتعالى أنْ يضربَ البحرَ بعصاه، فإذا بالبحرِ فرقتينِ كلّ فرقٍ كالطودِ العظيم، ولو شاءَ اللهُ أنْ يجعلَهُ كذلك مِن غيرِ ضربٍ بالعصَا لفعل، لكنهُ يُعلِّمُ أنبياءَهُ وعبادَهُ الأخذَ بالأسبابِ، وكذا ضربُهَ الحجرَ بالعصَا لينفجرَ منهُ اثنتَا عشرةَ عينًا، كل ُّهذا لتأخذَ الأسبابُ نصيبَهَا مِن حياةِ الإنسانِ!!
فينبغِي على كلِّ مسلمٍ في حياتِه العمليةِ أنْ يأخذَ بجميعِ الأسبابِ الموصلةِ إلى غايتِه وهدفِه مع التوكلِ على اللهِ تعالى، وهذا ما غرسَهُ النبيُّ ﷺ في نفسِ الصحابِي الذي أطلقَ الناقةً متوكلًا على اللهِ، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ:” اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ” (الترمذي وحسنه).
العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
ثانيًا: صورُ ومجالاتُ القوةِ في الإسلامِ.
للقوةِ في حياةِ المسلمِ صورٌ ومجالاتٌ عديدةٌ منهَا:
القوةُ الإيمانيةُ: فينبغِي على العبدِ أنْ يكونَ قويَّ الإيمانِ في مواجهةِ التحدياتِ والمشكلاتِ، وقد بيّنَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى أنَّ الإيمانَ هو الذي يجعلُ الإنسانَ ثابتًا في وجهِ المشكلاتِ؛ لأنَّ المؤمنَ لمّا تحلُّ بهِ نكباتٌ أو مشكلاتٌ أو مصائبٌ يقولُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}. (البقرة: 156)، فإذا قلبُهُ عامرٌ بالطمأنينةِ والسّكينةِ. لذلك ترَى المؤمنينَ هم أصبرُ الناسِ على البلاءِ، وأثبتهُم في الشدائدِ؛ لأنّهُم عرفُوا مِن لطفِ ربِّهم أنّ هذه الشدائدَ دروسٌ قيّمةٌ لهُم، وتجاربٌ نافعةٌ لدينِهِم ودنياهُم، فَعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ!! إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ!! إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ!! وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ!! ” (مسلم) .
ومنها: القوةُ العلميةُ: لأنَّ العلمَ أساسُ نهضةِ الأمةِ وقيامِ الحضاراتِ، فبالعلمِ تُبنَى الأمجادُ، وتَسُودُ الشعوبُ، وتُبنَى الممالكُ، بل لا يستطيعُ المسلمُ أنْ يحققَ العبوديةَ الخالصةَ للهِ تعالَى على وفقِ شرعِهِ، فضلًا عن أنْ يبنيَ نفسَهُ – كمَا أرادَ اللهُ سبحانَهُ أو يقدمَ لمجتمعِهِ خيرًا، أو لأمتِهِ عزًّا ومجدًا ونصرًا – إلّا بالعلمِ، وما فشَا الجهلُ في أُمةٍ مِن الأممِ إلّا قوّضَ أركانَهَا، وصدَّعَ بنيانَهَا، وأوقعَهَا في الرذائلِ والمتاهاتِ المهلكةِ.
وكما قِيلَ: العلمُ يبنِي بيوتًا لا عمادَ لهَـا …………… والجهلُ يهدمُ بيوتَ العزِّ والكـرمِ
ومنها: القوةُ الاقتصاديةُ: وذلك بالجدِّ وإتقانِ العملِ، والبحثِ عن الطرقِ والوسائلِ الاقتصاديةِ الحديثةِ، إذا أردنَا أنْ نحققَ التنميةَ الاقتصاديةَ لوطنِنَا وبلادِنَا ومجتمعِنَا ؛ فالمسلمُ لا يعملُ لنفعِ المجتمعِ الإنسانِي فحسب، بل يعملُ لنفعِ الأحياءِ، حتى الحيوانِ والطيرِ، والنبيُّ ﷺ يقولُ: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ” [البخاري]، وبذلك يعمُّ الرخاءُ ليشملَ البلادَ والعبادَ والطيورَ والدوابَّ.
ومنها: القوةُ البدنيةُ: فالإسلامُ يريدُ مِن أتباعِهِ أنْ يكونُوا أقوياءَ أصحاءَ بدنيًا، وهذه القوةُ البدنيةُ هي التي دفعتْ المرأتينِ إلى اختيارِ موسَى عليهِ السلامُ، ”روي عن ابنِ عباسٍ، قال: { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ } قال: فأحفظتْهُ الغَيْرةُ أنْ قالَ: وما يدريكِ ما قوّتُهُ وأمانتُهُ؟ قالتْ: أمّا قوّتُهُ، فما رأيتُ منهُ حين سقَى لنا، لم أرَ رجلًا قط أقوىَ في ذلك السقيِ منه. وأمَّا أمانتُهُ، فإنَّه نظرَ حين أقبلتُ إليهِ وشخصتُ لهُ، فلمَّا علمَ أنِّي امرأةٌ صوّبَ رأسَهُ فلم يرفعْهُ، ولم ينظرْ إليَّ حتى بلغتهُ رسالتَكَ، ثم قال: امشِي خلفِي وانعتِي ليَ الطريقَ، ولم يفعلْ ذلكَ إلَّا وهو أمينٌ، فسُرّي عن أبيهَا وصدَّقهَا وظنَّ بهِ الذي قالتْ.” (تفسير الطبري).
ومنها: القوةُ العسكريةُ: وذلك بالاستعدادِ العسكرِيِّ لمواجهةِ أيِّ عدوانٍ خارجيٍّ يجتاحُ البلادَ والعبادَ، تحقيقًا لقولِهِ تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ…} [الأنفال: 60). فقد ” أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِإِعْدَادِ آلَاتِ الْحَرْبِ لِمُقَاتَلَتِهِمْ حَسَبَ الطَّاقَةِ وَالْإِمْكَانِ وَالِاسْتِطَاعَةِ، {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ} أي: تُخيفونَ بتلك القوةِ الكفارَ أعداءَ اللهِ وأعداءَكُم {وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ} أي: وترهبون به آخرين غيرَهُم”. (صفوة التفاسير). وعن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ: ” {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ ” ثلاثا. (صحيح مسلم). وقد علّمَ الرسولُ ﷺ الصحابةَ الكرامَ الرميَ عمليًّا ليكونُوا أقوياءَ، فعن سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ» قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ؟»، قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ» . (صحيح البخاري).
فإعدادُ العدةِ والقوةِ، وتعليمُ الرميِ والتدريبُ على الآتِ الحربِ أخذٌ بالأسبابِ في تخويفِ وترهيبِ العدوِّ، أمَّا النتائجُ والنصرُ فهو مِن عندِ اللهِ تعالى: { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}. (آل عمران:126) ، {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى }. (الأنفال: 17).
ومنها: القوةُ البشريةُ: وذلك عن طريقِ الاصطفافِ والاجتماعِ والاتحادِ، تحقيقًا لقولِهِ تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}. (أل عمران: 103). لأنَّ الاتحادَ قوةٌ، والتفرقَ ضعفٌ والتنازعَ شرٌّ، وربُّنَا عزَّ وجلَّ حذرَنَا مِن ذلك فقالَ سبحانَه: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال: 46).
فنجتمعُ جميعًا على قلبِ رجلٍ واحدٍ لحمايةِ أراضِينَا ومقدساتِنَا، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ :” الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ , وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ … “. (ابن ماجة والحاكم وصححه). يقولُ ابنُ عبدِ البرِّ: ” ومعنى قولِهِ ( وهُم يدٌ على مَن سواهُم): أنَّ أهلَ الحربِ إذا نزلُوا بمدينةٍ أو قريةٍ مِن قرَى المسلمين فواجبٌ على جماعةِ المسلمينَ أنْ يكونُوا يدًا واحدةً على الكفارِ حتى ينصرفُوا عنهم “. ( الاستذكار ).
وهكذا باجتماعِ هذه القوى كلِّهَا يكونُ المسلمُ قويًّا في مواجهةِ كلِّ المشكلاتِ والتحدياتِ التي تقابلُهُ.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
ثالثًا: دعوةُ أفرادِ الأمةِ إلى القوةِ.
أيُّها الإخوةُ المؤمنون: هذه دعوةٌ إلى أفرادِ الأمةِ أنْ يكونُوا أقوياءَ في جميعِ مجالاتِ الحياةِ، أقوياءَ في أبدانِهِم وصحتِهِم وجسدِهِم، أقوياءَ في تمسكِهِم بدينِهِم وعقيدتِهِم، أقوياءَ في علاقاتِهِم الإنسانيةِ والأخلاقيةِ، أقوياءَ في رفعةِ وطنِهِم وبلادِهِم، أقوياءَ في مواجهةِ التطرفِ والإرهابِ والأفكارِ الهدامةِ، أقوياءَ في البناءِ والتعميرِ والتشييدِ، أقوياءَ في نشرِ الدعوةِ الإسلاميةِ وقيمِ الإسلامِ وسماحتِهِ، أقوياءَ في شتَّى العلومِ والمعارفِ …….إلخ
لهذا أكَّدَ الرسولُ ﷺ على أهميةِ القوةِ في حياةِ المؤمنِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ».(مسلم)؛ قال النوويُّ:” والمرادُ بالقوةِ هنَا، عزيمةُ النفسِ والقريحةِ في أمورِ الآخرةِ، فيكونُ صاحبُ هذا الوصفِ أكثرَ إقدامًا على العدوِّ في الجهادِ، وأسرعَ خروجًا إليهِ، وذهابًا في طلبِهِ، وأشدَّ عزيمةً في الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، والصبرِ على الأذَى في كلِّ ذلك، واحتمالِ المشاقِ في ذاتِ اللهِ تعالى، وأرغبَ في الصلاةِ، والصومِ، والأذكارِ، وسائرِ العباداتِ، وأنشطَ طلبًا لها، ومحافظةً عليها، ونحو ذلك ” أ.ه
فعليكُم أن تنشِّئُوا أولادَكُم وشبابَكُم على القوةِ في جميعِ مجالاتِ الحياةِ:
على القوةِ الإيمانيةِ التي بهَا يواجهونَ مصاعبَ ومتاعبَ الحياةِ العمليةِ في مراحلِ عمرِهِم.
على القوةِ العلميةِ ليكونُوا في ركبِ الأممِ المتقدمةِ، ويكونُوا سفراءَ العلمِ إلى شتَّى بقاعِ العالمِ.
على القوةِ الجسديةِ والعسكريةِ ليكونُوا أقوياءَ أصحاءَ يدافعونَ عن دينِهِم وعرضِهِم وأموالِهِم ووطنِهِم.
على القوةِ الاقتصاديةِ ليعيشُوا في رخاءٍ ورغدٍ مِن العيشِ.
أيُّهَا المسلمون: ألَا فالزمُوا كلَّ جميلٍ وحسنٍ لتزدادَ قوتُكُم، وإيَّاكُم وكلَّ قبيحٍ وسيئٍ حتى لا تضعفَ قوتُكُم.
وما أجملَ مقولةَ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ: ” إِنَّ لِلْحَسَنَةِ ضِيَاءً فِي الْوَجْهِ، وَنُورًا فِي الْقَلْبِ، وَسَعَةً فِي الرِّزْقِ، وَقُوَّةً فِي الْبَدَنِ، وَمَحَبَّةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَإِنَّ لِلسَّيِّئَةِ سَوَادًا فِي الْوَجْهِ، وَظُلْمَةً فِي الْقَبْرِ وَالْقَلْبِ، وَوَهْنًا فِي الْبَدَنِ، وَنَقْصًا فِي الرِّزْقِ، وَبُغْضَةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ ” . (الداء والدواء لابن القيم).
وصدقَ اللهُ حيثُ يقولُ على لسانِ نبيِّهِ هودٍ عليهِ السلامُ: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}. (هود:52).
فداومُوا على الاستغفارِ والتوبةِ والرجوعِ إلى اللهِ تعالى، يزدْكُم قوةً إلى قوتِكُم، وتفوزُوا بسعادةِ العاجلِ والآجلِ.
نسألُ اللهَ أنْ يزيدنا قوة إلى قوتنا، وأنْ يحفظَ مصرَنَا وبلادَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ ؛؛؛
الدعاء،،،،،،، وأقم الصلاة،،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
مفيد جدا